رجوع
الذكرى الأولى :
في سن العشرين ، وفي خضم تنقلاته بين القرية وطنجة ، قصد - رضي الله عنه - " زرهون " لزيارة المولى إدريس فاتح المغرب . وبالطريق ، زار الولي الصالح ، عبد السلام بن روحو - وكان حيا .
ومن جملة ما بشره به : ستكون من العلماء.
الذكرى الثانية :
كانت عادة المعلمين ، من القراء : إذا حان وقت انصراف الأطفال ، زوالا ، أو مساء ؛ لقنوهم بعض المبادىء . كجواب القبر - مثلا . فيقول المعلم ، ملقنا للأطفال : جواب القبر : الله ربي . ومحمد نبيي . والإسلام ديني . والكعبة قبلتي . ويرددها الأطفال ، بصوت واحد . وأحيانا ؛ يلقنونهم ألفاظ تشهد الصلاة ، بالصيغة العمرية . ويزيدون : وأن الذي جاء به سيدنا محمد حق . والجنة حق . والنار حق . والصراط حق . والميزان حق . وأن الساعة آتية لا ريب فيها ، وأن الله يبعث من في القبور . وبعضهم كان يلقن تلامذته " قنوت الصبح " على مذهب مالك – رحمه الله : اللهم إنا نستعينك ونستغفرك . ونؤمن بك . ونتوكل عليك . ونخشع لك . ونخلع ونترك من يكفرك . اللهم إياك نعبد . ولك نصلي ونسجد . وإليك نسعى ونحفد . نرجو رحمتك . ونخاف عذابك . إن عذابك الجد بالكافرين ملحق ... هذا بعض مما تعلمته ، من محفظي القرآن الكريم ، دون فهم محتوياته ... وهذه الطريقة " العقيمة " لا يزال ينهجها – حتى اليوم – كثير من المعلمين .... وهي طريقة غير سديدة .
الذكرى الثالثة :
في سنوات الدراسة الحرة ، بطنجة : كان من شيوخه : الأستاذ محمد المكي الناصري . قرأ عليه " الأربعين النووية ". والأستاذ علال الفاسي . حضر بعضا من دروسه في " التفسير " ، و" شمائل الترمذي ". وكان الرجلان لاجئين في طنجة ، بسبب نشاطهما الوطني ، ضد المستعمر .
الذكرى الرابعة :
مع كتاب " تنبيه الغافلين " ، لأبي الليث السمرقندي :
الذي اقتناه والدي - رضي الله عنه - في بدايات العشرينات من عمره . وهو بالمعهد الديني ، في طنجة ، طالبا في السنة الأولى .
وتأثر بالكتاب ، جدا . وعكف على قراءته .
واتخذه أنيسا وصاحبا .
وتغيرت أحواله ، بسبب ذلك .
وأقبل على العمل والعبادة .
ووجد لذلك لذة كبرى .
الذكرى الخامسة :
وهو في صحبة كتب الرقائق والزهديات ...
تكشفت له عوالم الروح ، ففي سنة 1367 رأى رؤيا :
كأنه في المسجد الأعظم - بطنجة ، وقائلا : هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم .
فتوجه إليه ، فرآه على صفة عالم مغربي . بجلابة بيضاء ، وبرنس .
ولحيته سوداء .
فقبل يده .
فقال له رسول الله :
قم ، فاجمع الزكاة ، من الحاضرين .
فجعل والدي ، يجمع الزكاة ؛ قروشا ودراهم .
فأتاه بها .
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم :
زكها !
قال والدي :
كيف ! يارسول الله ؟
فقال الرسول - صلى الله عليه وسلم :
أولست تزكي القرآن ؛ بتلاوة " الحزب الراتب " ، صباحا ومساء ؟
قال والدي : بلى .
فقال الرسول - صلى الله عليه وسلم :
كذلك هذه . فزكها .
فأجاب والدي - سرا في نفسه :
الحمد لله الذي بعث لي رسول الله ، ليعلمني العلم ؛ وأخذه عنه مباشرة .
فاستيقظ ، باكيا ، فرحا .