رجوع
-
5- بدر الدين الحسني الدمشقي . ت 1354
من مراكش المغربية ، كان مبتدأ أسرة متميزة ، لم يزل أهل الشام ، يلهجون بفضائلها وعلمها .
وقد سئل الشيخ بدر الدين ، عن " الأصول المغربية " لهذه الأسرة ، وعن أول وارد من مركش ؟
فلم تسعفه المادة التاريخية .
لكن والده الشيخ يوسف بن بدر الدين ، عرفته رحاب الجامع الأزهر ،
وتتلمذ على الأمير الصغير ، والصاوي .. وغيرهما .
ومن كبار مجيزيه : المسند عبد الرحمن الكزبري .
وقد استوطن - بأخرة - دمشق .
وكان له بدار الحديث الأشرفية مجلس درس .
وفي ختمه ل " الصحيح " عام 1274 ه كان من الحاضرين :
الأمير عبد القادر الجزائري . وشملته الاجازة ...
وقد تجول كثيرا في العالم الاسلامي ، وبلاد الروم ،
وأخذ عن أكثر من مائة شيخ ، من " الأكابر الأعلام " .
واستقر - زمنا - في المدينة المنورة ، ونسبته اليها كثير من المصادر .
وعاد - في رحلة طويلة - إلى فاس .. ليلتقي فيها ببعض " مجازيه " ، كالتهامي ابن رحمون ، وغيره ...
واعتبر من كبار المسندين ، في المائة الثالثة عشرة .
وترجم له تلميذه البيطار في " حلية البشر " .
في هذا البيت العلمي ، نشأ ولده - موضوع الترجمة - المحدث الأكبر ، بدر الدين الحسني ...
وكان لروافد أخرى ، آثار في صقل الشخصية العلمية للشيخ ...
فوالدته من أسرة " الكزبري " المشهورة بالعلم والحديث .
وشيخه أبو الخير الخطيب ، كان حاضنه - بعد وفاة الوالد - ولما يتجاوز الثانية عشر
وفي مجالسه اكتشف المشيخة العلمية ، في دمشق .
وسرعان ما نبغ الشاب ..
واقتعد مكان والده ، في دار الحديث " الأشرفية " .
وتكاثرت في مجالسه جموع الطلبة .
وهو دون الثلاثين ، من عمره ، كانت مؤلفاته تتجاوز الأربعين .
ودرسه في " قبة النسر " ، في جامع دمشق الكبير ، لم يزل حديث الناس .
بكل الفئات العلمية والاجتماعية ، التي كان الدرس يجمعها ..
وطريقة الشيخ في " درس البخاري " ، املاء وفقها واستيعابا ..
كانت موضع الأعجاب .
وسمي بالمحدث الأكبر .
ووصفه الشخ رشيد رضا :
دائرة معارف سيارة .
وحضر درسه الشيخ محمد بخيت المطيعي ، فقال عنه :
لو كان عندنا بمصر ، لم يحمله العلماء ، الا فوق الرؤوس .
وكان من تلامذته :
جمال الدين القاسمي .
عبد القادر بدران .
محمد المبارك .
بهجت البيطار .
عبد القادر المغربي .
وخصه أهل العلم بالدراسات والكتب . مثل :
محمود الرنكوسي في كتابه :
" الدرر اللؤلؤية في النعوت البدرية ".
محمود بيروتي ، في :
" المحدث الأكبر بدر الدين الحسني ، وأثر مجالسه في المجتمع الدمشقي ".
وكانت اهتماماته العلمية ، متنوعة ...
ولم تكن معارفه في الرياضيات والحكمة
دون نبوغه في الحديث النبوي .
وقد وصف كثير من الدمشقيين " حفظه " للكتب الستة ، وغيرها من المسانيد .
وأسانيده في كتب الحديث ، متميزة .
ويروي - عاليا - عن عبد القادر الخطيب ، عن الشمس محمد الرحمتي ، عن عبد الغني النابلسي .
ومن عواليه :
أسانيده عن السقا ، عن الأمير الصغير .
وقد عده الحافظ أحمد ابن الصديق الغماري ،
في شيوخه ، وسمع منه " حديث الرحمة " . واستجازه ...
وحضر درسه في " جامع بني أمية " .
وبعضا من مجالسه ، في دار الحديث الأشرفية .
ورأيت اجازته للشيخ محمد ياسين الفاداني .
وهذا يجعلني أروي عنه ، بواسطة واحدة . فقط ...
وفي " فهرس الفهارس " ، للشيخ عبد الحي الكتاني ، حديث مستفيض ،
عن والد الشيخ بدر الدين ...
واشارات عن لقاء الشيخ الكتاني ببدر الدين ...
والحديث " المسلسل بالسؤال عن الاسم " .
لكنني ، لم أقف على استجازة العلامة الكتاني للشيخ بدر الدين ..
وقد روى عن والده - يوسف - بوسائط ، كالبيطار ، وأبي الخير ابن عابدين .
ولعل المسند عبد الكتاني ، كانت له رؤيته للشيخ بدر الدين .
يتفق فيها مع الحافظ أحمد بن الصديق .
وفي " البحر العميق " تفاصيل الرؤية .
لكن ، أهل دمشق أجمعوا على " الشخصية التجديدية "
للشيخ الأكبر بدر الدين الحسني .
ومواقفه السياسية والاجتماعية ، مشهورة ، لا تنكر .
ويذكر من مفاخره :
أنه كان يصوم - أبدا - غير العيدين . منذ خمسين سنة .
وكان يقرأ الكتب ، والسبحة في يده .
وكان معتزلا للسياسة وأهلها .
وقد دعاه السلطان عبد الحميد ، لزيارته في اصطنبول.
فلم يجب .
وكان قد عارض " الدعوة " لقتال الشريف حسين ...
واستفتي في ذلك .
فابى أن يفتي .
وهي سيرة ، جعلت الناس تنظر اليه باكبار .
رحمه الله .